قامت
النهضة التعليمية في اليابان الحديثةعلى جهود الدراسات المقارنة بين مناهجها
التعليمية ومناهج الدول الأخرى، ولم تكن هذه الدراسات تـعنى بمحتوى المناهج فحسب،
بل عُنيت كذلك بمخرجات هذه المناهج ونوع الفرد الذي تكوِّنه، ومقوِّمات شخصيته
المنتجة، وحتى بعد أن استحدثت اليابان أساليب تطوير أخرى لمناهجها، ما تزال تضع في
اعتبارها مناهج الدول المتقدِّمة الأخرى، وتعقد بينها الدراسات المقارنة بشكل
مستمر، لتأخذ عنها الأفضل الذي يناسبها، وعندما تقارن الدول المتقدِّمة مناهجها
بمناهج دول متقدمة أخرى، فإنها في الواقع تسعى إلى مقارنة أهداف متطورة بأخرى
متطورة، ومحتوى حديث بآخر حديث، وتقنية متقدمة بأخرى متقدمة، هكذا الأمر بالنسبة
لبيئة عناصر المنهج، ولكن الأهم في الدراسات المقارنة هو البحث عن مواقف التميّز
لتختار منها، ثم تخضعها للتجريب في البيئة والثقافة المحلية قبل الأخذ بها أو
الإعراض عنها.
وتتولَّى وزارة التربية اليابانية
الإشراف على بناء المناهج وتطويرها من خلال مجلس المناهج، وما ينبثق عنه من لجان،
يشارك فيها متخصصون وخبراء ومعلِّمون وأولياء أمور، ويصدر كتيِّب عن المجلس بعنوان
«منهج الدراسة»، يتضمن التنظيم الأساسي للمناهج الدراسية، بما في ذلك المحتوى
والأهداف والتقويم، وتحديد عدد الساعات القياسية اللازمة لتدريس كل مادة في كل سنة
دراسية.
وفي ضوء «منهج الدراسة»، تقوم كل مدرسة بتوزيع
مناهجها وِفق ما يتلاءم مع الظروف الخاصة بأوضاعها وظروف المنطقة التي تعمل في
إطارها، وبما يتناسب مع القدرات والاتجاهات والاستعدادات المستقبلية لطلاَّبها،
ويتوجَّب على كافة المدارس الابتدائية والثانوية استخدام الكتب التي تم إقرارها من
قِبل الوزارة، وتظل الكتب المدرسية سارية الاستخدام مدة ثلاث سنوات على الأقل قبل
أن تُـعدَّل أو يـعاد صياغتها.ويتم توزيعمثل هذه الكتب مجانـًا للطلاب في المراحل
الإلزامية، أما طلاب المدارس الثانوية العليا ذات الدوام الكامل، فيشترون كتبهم من
مكتبات معيَّنة، بينما تـقدَّم مجانًا للطلاَّب الملتحقين بوقت جزئي أو برامج
المراسلة.
وبالنسبة لمناهج التعليم ما قبل
الابتدائي، والتي تستهدف بالأساس «تنمية عقول وأبدان الأطفال في بيئة تعليمية
وتربوية صالحة وملائمة»، فإنها تتضمن ستة مجالات للدراسة، هي: - الصحة - المجتمع -
الطبيعة - اللغة - الموسيقى - الفن.
وتستهدف مناهج التعليم الابتدائي
«تزويد الطلاب بالتعليم الأوّلي العام، الذي يناسب خصائص نموهم الجسمي والعقلي»
والتأكيد على: - غرس روح التعاون - معرفة التقاليد المحلية والقومية - غرس روح
التفاهم العالمي - التركيز على فهم اللغة، والقدرة على استخدامها - القدرة على فهم
الرياضيات، وتقدير الموسيقى، والفن والأدب.. ويشتمل منهج المدرسة الابتدائية، على:
اللغة اليابانية - المواد الاجتماعية - الرياضيات - العلوم - الاقتصاد المنزلي (الذي
يقدَّم في السنتين الأخيرتين فقط) - التربية البدنية - دراسات البيئة الحياتية -
الموسيقى والرسم والحرف اليدوية - التربية الأخلاقية - الأنشطة الخاصة.
أما مناهج الثانوية الدنيا (التعليم
المتوسِّط أو الإعدادي)، فتستهدف «تمكين الطلاَّب كي يصبحوا مواطنين نافعين
وفاعلين، في المجتمع، وإعدادهم لاختبار دخول المرحلة الدراسية العليا، وتتضمن
المناهج المواد الآتية: - اللغة اليابانية - الدراسات الاجتماعية - الرياضيات -
العلوم - الموسيقى - الفنون الجميلة - التربية الصحية والبدنية - الفنون الصناعية
- التربية الأخلاقية - الأنشطة الاجتماعية..إضافة إلى مواد اختيارية أخرى. بينما
تستهدف مناهج المرحلة الثانوية العليا» تقديم تعليم متخصص يتلاءم مع مستوى نمو
الطلاَّب العقلي والبدني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق